أنا ما متت... بس غيري كتار ماتوا

أنا ما متت... بس غيري كتار ماتوا

بعدما تبيّن لنا أنّ المجلس النيابي لم يلتزم بالوعود التي قطعها بإدراج مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري على جدول أعمال أول جلسة تشريعية يعقدها، ووعود من نواب من مختلف الكتل النيابية وتحديداً من الرئيس نبيه بري خلال الكلمة تنصيبه رئيساً للمجلس النيابي عام 2009، ومن خلال مستشاره الإعلامي الأستاذ علي حمدان خلال إجتماع تم عقده بتاريخ 12 آذار 2013 في عين التينة،

عقد التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري مؤتمراً صحافياً، يوم الخميس 4 تموز 2013 في فندق الكراون بلازا في الحمرا، حيث تم افتتاح المؤتمر الصحافي بالتنويه التلفزيوني لحملة "أنا ما متت بس غيري كتار ماتوا" كمساءلة للنواب حول الوعود التي أطلقوها سابقاً وتحديداً لدولة الرئيس نبيه بري بصفته رئيساً لهذا المجلس. وتلا ذلك بيان التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري الذي ألقته مديرة منظمة "كفى" السيدة زويا روحانا التي سلّطت الضوء على حالات نساء قتلن نتيجة عنف أسري خلال ولاية المجلس الحالي وطالبت بإقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري في أقرب وقت ممكن، مختتمة الكلمة بالتالي:

"لقد آن الأوان لأن تسمعوا صرخات النساء تطالبكم بالحماية، فالقضية لم تعد تحتمل المماطلة أو التأجيل أو الاستهتار بحياتهنّ ومصيرهنّ. عسى أن تكون فترة التمديد لمجلسكم التي أسقطموها علينا، فرصة تعوّضون فيها عن إخفاقاتكم خلال فترة ولايتكم الأصلية، وتمارسون خلالها دوركم التشريعي، لكي توفوا الناس بعضاً من حقوقها عليكم."

 

هذا وقدمت الناجيتان من العنف الأسري السيدتان ريم خالد زكريا وزينب عواضة شهادتهما الحية وطالبتا الرئيس بري بإقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري. 
وإليكم/نّ كلمة ريم خالد زكريا التي نجت من محاولة قتل زوجها لها في حزيران الماضي:

 

إلى اللواتي صمتن على إراقة دماء كرامتهن: تكلَّمْنَ، فالحناجر تعشق الأصوات التي تنطق بالحق.

إلى الذين يخبئون الحقيقة تحت كراسيهم وبين أوراقهم الذكورية وأدمغتهم الرجعية: حان الوقت كي تخرجوا الشمس من جيوبكم فرائحة إنسانيتكم قد طالت عنان السماء، وفضحتكم المواقف، وبدّدت مراكزكم دموع النساء.

إلى الذين يفعلون ما يقولون واللواتي يفعلن ما يقلن: لم الإنتظار؟

فالنساء يُقتلن كل يوم في أسرتهنّ بحجة اللازم والواجب الزوجي الذي ما يهتم بمتعة المرأة وحقها بقدر اهتمامه بتغليف تهمة اغتصابها ( نساؤنا يُغتصبن باسم الشرق)،

والنساء يُضربن بحجة الرجولة والعادة، وتشوّه سمعتهنّ لأن الشرقي لا يرضى بالفراق، فالمرأة بنظره "غَنمةً" لا "غنيمة" قدّمتها له الصدفة وأتى بها إليه الحبّ، ورفضته هي! فالرجل لا يُرفض بل يجحد بالعشرة والإنسانية فقط لأن والده ضرب أمّه فاعترفوا أمام القبيلة بفحولته، وصفقوا طويلاً لجبروته أمام جسد ضعيف، ولأن سياسيّيه المفضل أحاطه بالرعاية رغم جرمه طمعاً ببرنامج انتحابي، ولأن المرأة "الأصيلة" تعوّدت أن تصمت وتكفر بحقوقها إرضاءً لمجتمعها.

إلى متى نحافظ على من ينشر ثقافة الغاب المجتمعي والأسري ونفشل كلّ مرة في حماية امرأة قالت "لا" في وجه الظلم، فدفعت من دمائها ثمن شجاعتها وشجعه الأخلاقي والنفسي؟؟

إلى الذين يملكون قلماً: حرّكوه

إلى اللواتي يملكن الصراحة: أطلقوها

وإلى الذين يفضحون المعاصي بحجة كثرة الذنوب: كفاكم وقاحة ... ارحلوا!

نحن اللواتي تعرّضن للقتل باسم الرجولة، لم نمت لأنّ العناية الإلهية تركت أصواتنا أبواقاً نفضح بها الظلم والظلام والظالمون، نفضح بها القتلة الذين يتمتّعون بحياتهم في شوارع هذا الوطن وكأنّ شيئا لم يحدث في حين ترقد نساؤهم تحت التراب.

نعم  اليوم أمامكم حيةٌ أرزق لأني رفضت موتي في سرير رجل عاق بالضمير والأخلاق البشرية، لأنّ صوتي رفض أن يستسلم ويصمت أمام من ادعى الحكمة وفمه مليء بالبلاء والدماء !!

هنَّ متن لكنهنّ تركن صوتي ليتكلّم باسم أحلامهنّ التي سفكت، وأجسادهنّ التي أكلتها الديدان البشرية،

هنَّ متن لكنهنّ رمينَ إليَّ رسائلهنَّ وتركن بين كتبي أرواحهنّ الطيبة التي باتت رفيقة لحبري وقلمي.

لأجل اللواتي رحلن باكراً ، اللواتي سلّمت أجسادهنّ الصغيرة باسم القرابة لرجل غريب عنهنّ وعن قلوبهنّ،

ولأجلك أيتها القارئة التي تقبعين وراء الكلمات والشاشات واللوحات الاعلانية المناهضة للعنف الأسري، ثوري،

جميل أن ينطلق الصوت بجميع ألوانه وأطيافه.

 باسم من غابت وجوههنّ، باسمك أنتِ وبأسمائنا جميعاً: نطالب المسؤولين بإقرار قانون يحمي النساء من التعنيف الجسدي والمعنوي، والتعامل مع مواضيع العنف الأسري التي تصل أحياناً الى درجة القتل المتعمّد، بوضع سياسة جدية، تحرص على عقاب المجرم كي يتعلم الآخرون من خطئه ولا يقترفون ما فعله بأخرى، فمن لا يردع الجريمة يساهم في انتشارها.

أخيراً الى الأستاذ نبيه بري: إنّ الموت الذي زارني البارحة على يد رجل، ربما سيزور ابنتك على يد آخر، فنحن نريد حقّنا في العيش والأمان، وهذا أبسط ما قد تقدّمه لنا من خلال منصبك.