الأحوال الشخصية ناشزة... قانون سنة جِدّي ما في يكون جَدّي

الأحوال الشخصية ناشزة... قانون سنة جِدّي ما في يكون جَدّي

"الأحوال الشخصية 16 تحت الزفت". أربعة أعوام مرّت على إطلاق منظمة كفى عنف واستغلال لهذا الشعار للاعتراض على تحفّظ الدولة اللبنانية على المادّة 16 من اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، المتعلّقة بالمساواة بين المرأة والرجل في الأسرة. بالطبع، لم يتغيّر شيء منذ حينه، ولا تزال أوضاع النساء في ظلّ قوانين الأحوال الشخصية الطائفية "16 تحت الزفت". 
فعلى الرغم من الفروقات الشاسعة بين الطوائف الـثماني عشر لجهة النصوص القانونية الناظمة للأحوال الشخصية التي تشتمل على قضايا الزواج والطلاق والنفقة والحضانة والوصاية والإرث، إلا أنها جميعها اتّفقت على أمرَيْن: الأوّل هو تقاعسها وتباطؤها في مواكبة التغيير والانسجام مع مبادئ حقوق الإنسان؛ والثاني إصرارها على التمييز ضد المرأة، نصّاً و/أو ممارسةً، ووضع المرأة في موقع تابع للرجل، زوجاً، وأباً، وحتّى عمّاً وجَدّاً. من هنا أتى عنوان حملة "كفى" للعام 2015 بمناسبة الـ"16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة"، وهو "قانون سنة جِدّي، ما في يكون جَدّي"، ليذكّر أنه من غير المقبول أن تبقى تلك القوانين، التي نُصّ معظمها منذ أكثر من نصف قرن، على حالها، برجعيّتها وذكوريّتها وطابعها المحض أبويّ، وألّا يكون هناك قانون موحّد للأحوال الشخصية، مدنيّ وعادل ومساوٍ بين الشريكَين. 
ولعلّ كلمة "ناشز" الواردة في عدد من قوانين الأحوال الشخصية والمُطلقة حصراً على المرأة في حالات مُحدّدة، خير دليل على نشوز تلك القوانين نفسها التي تستمرّ في إثبات أنها هي الناشزة طالما أنها "خارجة عن طاعة" المساواة والعدالة، والدولة المدنيّة. من هنا أتى شعار "الأحوال الشخصية ناشزة"، أو "قوانين الأحوال الشخصية ناشزة"، لتوجيه أصابع الإتهام على مكامن الخلل الحقيقية في تلك النصوص القانونية، ومن ورائها النفوس الذكوريّة، والمطالبة بتغيير تلك القوانين للحدّ من "نشوز" الكثير من نصوصها الظالمة بحقّ المرأة، والأطفال أيضاً، والتي تعيد إنتاج التمييز ضدّ النساء، والتمييز بين النساء، والعنف المرافق لهما. فالكثير من النساء يتردّدن في طلب الحماية والخروج من علاقات عنفيّة، خوفاً من خسارة حقوق أو فقدان حضانة أطفال، وغيرها من المساومات الباهظة التي تُفرض على النساء. 
ولا يسعنا سوى التذكير بأن مشاركة المرأة في الحياة العامّة لن تكتمل ما دامت المرأة في حالة من التبعيّة في المجال الخاص، ولن تكتمل حتماً ما دامت المرأة مُعاقَبة قانونياً واجتماعياً في ما لو قرّرت كسر تلك التبعيّة ورفض التقيّد فقط بما يسمح لها به "أولياء أمرها". وتغيير هذا الواقع يجب أن يبدأ من تعديل المادّة التاسعة من الدستور التي تنصّ صراحةً على أن الدولة "تضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية"، واسترجاع الدولة لدورها في تشريع قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية مبني على أسس العدالة والمساواة، وينطبق على الجميع من دون تفرقة. 

--------------- 
خلال حملة هذا العام، تضع منظمة كفى بمتناول الجميع معلومات مُبسّطة حول قوانين الأحول الشخصية وأبرز المحاور القانونية التي تهمّ المرأة، وتنقلها مجدّداً شخصية "زلفا" الناجية من العنف التي، وبعد توجيهها أسئلة حول قانون 293 المتعلّق بالعنف الأسري العام الفائت، ترفع هذه السنة تساؤلات النساء حول قوانين الأحوال الشخصية الحاليّة وتقدّم الإجابات عنها في كتيّب خاصّ بعنوان "تساؤلات زلفا حول قوانين الأحوال الشخصية". 
تشكّل هذه المعلومات مرجعاً للنساء المتزوّجات وغير المتزوّجات يساعدهنّ في فهم تلك القوانين وإجحافها لحقوق المرأة في الكثير من المجالات. فالنساء نادراً ما يسألن عن حقوقهنّ ضمن القوانين الحاليّة قبل الإقدام على الزواج، ويتفاجأن فيما بعد حين تنشأ الخلافات الزوجيّة ويلجأن إلى المحاكم. لذا، قد يساهم هذا الكتيّب في خلق معرفة أكبر حول قوانين الأحوال الشخصية الحاليّة، وفي تشكّل وعي لا ينتظر تبلوره الوقوع الشخصيّ في المشكلة. يمكن الاطّلاع على الأسئلة والأجوبة المتعلّقة بقوانين الأحوال الشخصية على صفحة زلفا الإلكترونية.