تضاعفت الإتصالات بسبب طول الحجر وجرائم قتل النساء: تقرير كفى لشهر نيسان

طلال خوري

تضاعفت الإتصالات بسبب طول الحجر وجرائم قتل النساء: تقرير كفى لشهر نيسان

"سيّدة ضربها خيها وطردها من البيت. هيي على الشارع هلأ". "إمرأة هلّأ عم تتعرّض للعنف ببيتها".

"أخدلي إبني عمره أسبوع". "مرا ضاربها زوجها بالشوبك وكاسرلها إيدها، ترك البيت وبقيت هيي وولادها".

"إختي عم بدّوب من القهر. زوجها ساجنها بالبيت هيي وولادها. ممنوع يضهروا عمحلّ أو يشوفوا أي حدا أو يحكوا مع أي حدا. كل الوقت صريخ وتهديد وتفنّن بإذلالها. متل كأنو الكورونا إجت هدية لهيدا النوع من الرجال المرضى".

هذه عيّنة صغيرة عن الإخبارات والرسائل والإتصالات التي تصلنا يوميا الى خط الدعم في كفى.

شهد شهر نيسان إرتفاعاً في عدد الإتصالات، إذ تلقّينا 562 إتصالا وهذا الرقم هو تقريبا ضعف عدد الإتصالات التي وردتنا في آذار مع بداية مرحلة الحجر الصحي.

عدد الإتصالات

 

أسباب إزدياد العدد: طول فترة الحجر وجرائم قتل النساء

ورد الى خطّ الدعم في كفى 105 حالات جديدة في شهر نيسان بعدما كان الرقم 75 في آذار. السيّدات الجديدات يبلّغن للمرّة الأولى عن عنف قديم متجدّد يتعرّضن له وهذا نتيجة تفاقمه وتسارعه بسبب وجود المعنّف في المنزل ليلاً نهاراً.

وهذا الازدياد مرتبط أيضاً بجرائم قتل النساء الستّ التي حصلت في شهر نيسان. إذ وكما جرت العادة منذ سنين، تزيد نسبة الإتصالات بكفى مع كل جريمة قتل للنساء، لأن الخوف من مصير مشابه ممّن عانين من العنف لسنين طويلة وسكتن عنه، يدفع بهنّ أخيراً الى طلب المساعدة.

إبتدأ الشهر برمي بنتين بنفسهما من شرفة بيتهما هرباً من ضرب أبيهما لهما. الأولى تكسّرت ونُقلت الى المستشفى والثانية هربت. عادتا بعد عدّة أيام الى المنزل وتتابعهما كفى.

بعد مرور أيام قليلة، ماتت مها، طفلة عمرها خمس سنوات من ضرب أبيها وزوجته لها.

بعدها، وجدت سيّدة مقتولة بعدما ضُربت بآلة حادة على رأسها، وأصيبت بثلاثة كسور في ظهرها.

إمرأة أخرى وجدت مقتولة بطلقتيتن ناريّتين، واحدة في الكتف والثانية في الجبين.

شاب قتل أمّه وأخته وتمّ نقل أخته الثانية الى المستشفى ووضعها حرج للغاية.

اختتم الشهر بجريمة بعقلين التي ذهب ضحيتها عشرة أشخاص بينهم منال التياني.

هذا وحصلت محاولة قتل نجت منها السيّدة. كانت قد تركت البيت منذ شهرين هي وأولادها الأربعة، البنت الكبيرة عمرها عشر سنوات. جاء الزوج الى المنزل، ضربها، سحب عليها السكين، شطّبها ومزّق رئتيها. كانت ابنتها الكبيرة بجانبها عندما طعن أبوها أمّها، حاولت إبعاده عنها. عادت الأم الى المنزل بعد خضوعها لعملية في المستشفى، وضع أولادها النفسي صعب جداً، تتابعهم كفى وتقدّم لهم الدعم النفسي.

هذه الجرائم كلّها، وبشكل خاص مجزرة بعقلين، التي أحدثت خضّة عند الناس وأخذت تغطية إعلامية واسعة، دفعت بالنساء الى الإتصال أكثر وطلب المساعدة. إذ أن نشر تفاصيل هذه الجرائم يجعل المرأة المعنّفة تخشى من مواجهة المصير نفسه إذا لم تتخذ أي خطوة استباقية.

هوّية المعنّف وأشكال العنف

تلقّينا إتصالات من جميع المحافظات، أغلب الإتصالات هي من نساء لبنانيات راشدات متزوجّات.

وكنّا ذكرنا في تقرير سابق عن اللاجئات السوريات في البقاع بأن نسبةالسوريات اللواتي يتّصلن بكفى قلّت منذ بداية الحجر، وهذا لا يعني بأن العنف خفّ بل يدلّ على حالة الخوف والوحدة والعزلة التي تعيشها النساء داخل المخيمات، فهنّ غير قادرات على الخروج لسحب المال أو لشراء الغذاء أو للذهاب الى الصيدلية، فكيف الحال إذا أردن التبليغ عن عنف.

في أغلب الحالات الزوج هو المعنّف، وأشكال العنف الأساسية التي يستخدمها هي العنف النفسي واللفظي ويأتي الجسدي من بعدهما.

هوية المعنّف

 

غير الضرب والإيذاء الجسدي المباشر، تُخبر المتّصلات عن تعرّضهن لصراخ وتحقير وإذلال وتحسيس بالذنب وبالدونية وتهديد بالإيذاء الجسدي والمالي ومراقبة متواصلة وعزل وأساليب إبتزاز عاطفي عديدة وتهديد بالحرمان من الأولاد.

 

أشكال العنف

 

قدّمت كفى هذا الشهر بشكل أساسي خدمات إجتماعية للسيّدات وخدمات قانونية، تضمّنت الأخيرة  إستشارات قانونية ومتابعة شكاوى جزائية وتقديم طلبات حماية.

 

خدمات

 

صفر هو عدد الدعاوى في محاكم الأحوال الشخصية

بينما العنف الأسري يتزايد، ومعاناة النساء كذلك، وبينما يوجد العديد من الأمهّات والأولاد محرومين حتى من الحقّ بالمشاهدة في هكذا ظروف ضاغطة، أقفلت محاكم الأحوال الشخصية أبوابها بوجه مآسي العالم. فهي غير معنية بأم تريد رؤية أولادها ولا بأخرى بحاجة الى نفقتها لتيسّر شؤونها في أوضاع صحية وإقتصادية ضاغطة، ولا بزوجة ضحية أشكال متعدّدة من العنف لكنها غير قادرة على طلب الطلاق.

صفر هو عدد طلبات ودعاوى محاكم الأحوال الشخصية منذ بداية الحجر، وهذا يُعيدنا الى السؤال الأساسي على مدى فعالية وجودها، غير المنفعة المادية والمعنوية التي يتمتّع بها القيّمون على هذه المحاكم على حساب مآسي النساء وأولادهنّ.

في المقابل، القضاة المدنيون، قضاة الأمور المستعجلة هم من تصدّوا لحماية النساء والإستجابة لطلباتهم حول سلفة النفقة واستلام الأطفال، ملتزمين بتطبيق الصلاحيات التي منحهم إياها القانون 293 الخاص بالعنف الأسري.

في 21 نيسان،  أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً طالب فيه تسهيل تقديم طلبات الحماية أمام قضاة الأمور المُستعجلة عبر البريد الإلكتروني الذي خُصّص لكل محكمة.

بعد هذا البيان بيومين، أصدر قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح أول قرار حماية عبر البريد الإلكتروني بعدما كان قد استلم الطلب الذي تقدّمت به كفى عبر البريد الإلكتروني أيضا، وألزم القاضي الزوج عدم التعرّض للزوجة وتسليمها طفلها الرضيع ودفع سلفة نفقة تحت طائلة تغريمه غرامة إكراهية عن كل يوم تأخير.

وكانت قاضية الأمور المستعجلة في بيروت هالة نجا قد أخذت في السابع من هذا الشهر مباردة فردية لحماية سيّدتين ضحيّتيّ عنف أسري، وذلك عبر استخدامها تقنية الإستماع عن بعد (الفيديو كول) قبل إصدار قراريّ الحماية. وهي بذلك تكون قد طوّعت وسائل الإثبات واستخدمت تقنية جديدة تتماشى مع الظرف الحالي بهدف تأمين الحماية للنساء.

تجدر الإشارة الى أنه كان قد صدر في شهر آذار، في الأيام الأولى للحجر، أول قرار حماية من دون الإستماع للسيّدة عن قاضي الأمور المستعجلة في أميون إيميل عازار، حيث اكتفى بالوقائع الواردة في الطلب الذي تقّدم له.

الأولوية هي لحماية النساء وخاصة في الظروف التي تزيد من هشاشتهنّ، طالما أن حق المعتدي بالإعتراض محفوظ دائماً.

تجدر الإشارة أيضاً بأنه، ومع إرتفاع عدد جرائم قتل النساء في شهر نيسان، أصدر مدّعي عام التمييز القاضي عويدات تعميماً خاصاّ للتصدّي لجرائم العنف الأسري، طالباً فيه الإيعاز الى عناصر الضابطة العدلية بفتح محاضر فورية في جميع قضايا العنف الأسري حتى في حالات الجرائم غير المشهودة، وطالباً أيضاً عدم اشتراط حضور الضحية الى مركز الضابطة العدلية للإستماع الى إفادتها في حال أدلت بأنه لا يمكنها الإنتقال، وقيام المحامي الإستئنافي المختصّ بالإستماع إليها أو الطلب من الضابطة العدلية فعل ذلك عبر تقنية الفيديو كول أو أي وسيلة أخرى يراها مناسبة.

ما المطلوب لتأمين حماية فعّالة للنساء

تتخوّف كفى من ارتفاع نسبة جرائم العنف الأسري إذا طالت فترة الحجر أكثر وإذا لم يتمّ التعامل بحسم مع هذه الجرائم. وتؤكّد هنا على ضرورة إقرار مجلس النواب للتعديلات التي تقدّمت بها بالتعاون مع وزارة العدل والهيئة الوطنية لشؤون المرأة على القانون 293 لأهميتها في تأمين حماية فعّالة للنساء، لا سيما تعديل المادة 12 منه التي تستثني حماية أطفال الضحية إذا ما كانوا في سنّ الحضانة، وتعديل المادة 14 التي لا تُلزم المعنّف بالخضوع لجلسات تأهيل ضمن قرار الحماية.

المطلوب حماية أطفال الضحية القاصرين معها بغض النظر عن سنّ الحضانة، والمطلوب أيضاً إلزام المعنّف بجلسات تأهيل من العنف ضمن قرار الحماية لما في ذلك من أهمّية في تعديل سلوكه. 

ستواصل كفى تقديم الدعم الإجتماعي والقانوني للسيّدات وأولادهنّ في هذه الفترة في الطرق المعتمدة منذ بداية الحجر، وستبقى تتابع مجريات التحقيقات في جرائم القتل التي ارتُكبت حتى تحقيق العدالة.

كما أنها خصّصت مكاناً مؤقتا لاستقبال عدد محدود من النساء ليس لديهنّ أي مكان يلجأن إليه، لحين الانتهاء من فترة الحجر الإلزامي المفروض في زمن الكورونا والتمكّن من إحالتهن إلى  مراكز الإيواء التي نتعاون معها.  

ومع إدراكنا لصعوبة وضع حدّ لعلاقات أسرية وزوجية عنفية، ولصعوبة التواصل في ظلّ وجود المعنّف في المنزل أو التبليغ عنه، نشجّع السيّدات ضحايا العنف الأسري الإتصّال بنا على خط الدعم (03018019) أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، و التبليغ على الخط الساخن لقوى الأمن الداخلي 1745.

 #حماية_النساء_أولوية