محاكمة صورية لجرائم الاغتصاب الزوجي: أربع نساء يروين معاناتهنّ

محاكمة صورية لجرائم الاغتصاب الزوجي: أربع نساء يروين معاناتهنّ

احتدم النقاش في الآونة الأخيرة حول مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، وخصوصاً المادة منه التي تجرّم الاغتصاب الزوجي، إذ اعتبر البعض، ومنهم أعضاء في اللجنة النيابية الفرعيّةالتي تدرس مشروع القانون، أن ما من شيء اسمه اغتصاب بين الزوجين، فألغيت المادة من القانون المطروح... غير أنّ شهادات أربع نساء ضحايا عنف أسري واغتصاب زوجي، رُويت يوم الجمعة 9 كانون الأول في محاكمة صوريّة لجرائم الاغتصاب الزوجي في مسرح بابل في الحمرا، أثبتت عكس ذلك تماماً إذ أخبرت النساء الجمهور من على خشبة المسرح كيف اغتُصبن مراراً وتكراراً باسم حقوق الزوج وباسم حصانته القانونية والقضائيّة، وروين كيف لا تزال المعاناة التي مررن بها تلقي أوزارها على حاضرهنّ ومستقبلهنّ عبر ذكريات أليمة لا تيأس من اجتياح أجسادهنّ. وختمت كل من النساء الأربع شهادتها بنداء وجّهته لمجلس النواب بالكفّ عن تشويه مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري وعدم إلغاء جريمة الاغتصاب الزوجي منه. فهي من أقبح وجوه العنف الممارس على المرأة وإلغاؤها يعني بكل بساطة إباحتها.

وبهذه المناسبة، اختتمت منظمة كفى عنف واستغلال والتحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري حملة ال16 يوماً من النضال لمناهضة العنف ضد المرأة للعام 2011 تحت عنواني: "أيها النواب، الاغتصاب الزوجي كمان جريمة" و"القانون صورتكم. لا تشوّهوا مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري". 
حضر المحاكمة الصوريّة ممثلة النائبة ستريدا جعجع السيدة وفاء فخري، ممثل النائب ميشال عون المحامي الأستاذ رمزي دسّوم، ممثل عن وزير الداخلية والبلديات السيد محمد مسعد، النائب شانت جنجنيان (أحد أعضاء اللجنة الفرعية التي تدرس قانون حماية النساء من العنف الأسري)، النائب أمين وهبة، السيدة حياة ارسلان، ممثلين عن القطاعات النسائية داخل الأحزاب اللبنانية، وممثلين عن جمعيات التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري. 
كما حضرت لجنة مؤلّفة من فاعليات اجتماعية وثقافيّة علّقت على شهادات النساء، أعضاؤها: الكاتبة كلوديا مرشليان، الممثّلة جوليا قصّار، والأستاذين بطرس روحانا وأحمد بيضون (الضغط على هذه الوصلة للاطّلاع على تعليق الدكتور بيضون)

افتُتحت المناسبة بقصيدة "ليت للبراق عيناً" للشاعرة من العصر الجاهلي ليلى العفيفة، أدّتها المغنيّة "عزيزة"، ومن ثمّ ألقت المحامية الأستاذة غادة ابراهيم كلمة التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري لحقتها شهادات حيّة روتها أربع نساء تعرّضن للاغتصاب الزوجي وتعليقات اللجنة. 

كلمة التحالف الوطني: 

"بعد جهود استمرت لسنوات، تم خلالها مناقشة مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري من قبل عشرات لا بل مئات المختصين والمعنيين بالموضوع من جمعيات وفئات مهنية مختلفة ووزراء ومشرعين، ها هي اللجنة الفرعية المكلفة بدراسة المشروع تعمل على تقويض هذه الجهود وتمعن في نسف المبادئ الأساسية والإنسانية التي قام عليها هذا القانون. من أجل هذا اخترنا أن تستهدف حملتنا هذا العام التعديلات التي جرى إقرارها في اللجنة النيابية المكلفة دراسة مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، لنعلن بأننا لن نقبل بقانون مشوه وفارغ المضمون. 

ولهذا، نحن نتوجه إلى الكتل النيابية المختلفة، وخاصة تلك الممثلة باللجنة النيابية التي تدرس مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، لنطلب منها إعطاء الاهتمام الكافي لمشروع القانون هذا ومتابعة ما يجري داخل اللجنة. فهل إن مقراراتها تعبر بالفعل عن مواقف الكتل النيابية الممثلة فيها؟ هل هذا هو النموذج الحضاري الذي تتطلعون إليه؟ هل تؤيدون تشويه القانون بهذا الشكل؟ وإذا كان هناك من معترضين داخل اللجنة على قراراتها، لماذا لا يتم التعبير عن هذه الاعتراضات بشكل علني وإظهار المواقف أمام الرأي العام؟ لعله من أبسط حقوقنا أن نعرف ما هي مواقف ممثلي الشعب تجاه قضايا أساسية مثل قضية العنف ضد المرأة.
 
فيا أعضاء اللجنة الفرعية، أيها السادة النواب: سمير الجسر، غسان مخيبر، عماد الحوت، علي عمار، جيلبرت زوين، نبيل نقولا، ميشال الحلو، شانت جنجنيان.
لستم وحدكم من تناقشون مشروع القانون، المجتمع اللبناني نساءً ورجالاً يناقشه في كل مكان وفي كل وقت. نعم دخل القانون حيَز التطبيق بقوة الحاجة إليه، وما عليكم إلا إقراره ليصبح لنا قانون حماية بالفعل.
 

ونتوجه أيضا إلى الكتل النيابية غير الممثلة باللجنة الفرعية تلك مطالبينها بمتابعة ما يجري داخل اللجنة، وعدم القبول بتمرير القانون بصورته المشوّهة لدى طرحه على الهيئة العامة. إننا نطالبكم بأن تقوموا بدوركم التشريعي كاملاً فأنتم اليوم أمام استحقاق تاريخي، إما أن تكونوا جديرين بثقة الناس أو أن تعلنوا على الملأ عدم قدرتكم على التصدي للأعراف والتقاليد والأفكار الذكورية وعجزكم عن النهوض بمجتمعكم عبر تطوير التشريعات بما يتناسب مع مواثيق الأمم المتحدة الذي التزم لبنان بها في المادة الأولى من الدستور.

ونقول لكم أيها السادة النواب لا تشوهوا القانون ولا تجتزؤا منه، فالعنف لا تبرير له. والإيذاء جرم يعاقب عليه القانون، والسكوت عن العنف يدمَر الأسرة، والعنف ظاهرة موجودة، لا تغمضوا أعينكم، "والاغتصاب جريمة مين ما ارتكبها" الاغتصاب ليس بندا في مشروع، هو جريمة، هو فاعل وضحية. عدم إقرار القانون هو إباحة للجريمة و دفع إليها، ولكي تصبح الأسرة والعلاقة الزوجية مبنية على المودة والرحمة لا إلى تحويلها الى ملكية جسدية ثم إلى جريمة إنسانية، نحن اليوم مدعوون إلى محاكمة الفاعل والى إنقاذ الضحية. مجتمعين اليوم سنحاكم هذه الجريمة على هذه الخشبة، مجتمعين اليوم سننصف الضحايا وسنحاكم الفاعل قبل إقرار القانون، سنداً لمبادئ الإنصاف والعدالة ... ووفقا لمبادئ الحقَ والكرامة ... أيها الحضور القانون صورتكم، القانون صورتنا، القانون صورة الوطن فلا تشوهوه!" 


مقدّمة لشهادات نساء ضحايا اغتصاب الزوجي: 

"باسم الجهل وبلا ذنب وئِدتِ؟؟ وباسم الشرف قُتِلتِ؟؟ و باسم الشريعة ضُربتِ؟ فقط لأنها الأنثى، وعاء الحياة. لم يعد مسموحاً له سفك دمها لو اشتبه عليه الوضع بعد إلغاء المادة 562 من قانون العقوبات، لكنها ما زالت تُغتصب يوميا باسم الزواج، جسدها ملك له وشهادة الملكية عقد الزواج. وهي... لا قانون يحميها ولا مأوى تلجأ اليه، عوضاً أن يكون الرجل في حياتها شريكها وزوجها الذي تسكن إليه تحوَّل الى مجرم عقوبته الأشغال الشاقة المؤقتة وسبع سنوات حبس لو أكره غير زوجه بالتهديد أو بالعنف (المادة 509 من القانون اللبناني). 
أيها السيدات والسادة الحضور، لنستمع إليهن، شهادات حيًة يَروين آلامهن لتُوجع الضمائر."


الضغط على هذه الوصلة للاستماع إلى الشهادات